الموارد الاقتصادية و العدل

الموارد الاقتصادية و العدل

خلال الثلاثة ايام الماضية دار اكثر من حوار بيني وبين بعض مؤيدي السياسة الاقتصادية المصرية الحالية تجاه محنة تراجع المستوى الاقتصادي المصري ، و ايد الكثير من مؤيدي السياسة الداخلية المصرية سياسة الدولة الاقتصادية ،

واسندوا سبب اهتراء الاقتصاد المصري الى ( اعوام ماضية من الفساد ، وبعضهم الى عدم نمو الصادرات المصرية بسبب السياسة الاقتصادية الماضية ، وبعضهم تحدث عن عدم وجود الصناعات التحويلية المصرية وايضا عزى ذلك الى عدم وجود سياسة ( سابقة ) للتعامل مع الموارد البيئية المصرية

الشاهد : لم يتحدث احد ان هناك فعلا مشكلة اقتصادية مصرية مرجعها الى ( سوء ادارة ) ملف الاقتصاد المصري ، لذا اردت ان اتحدث فيما يجول بخاطري هنا لعلني اجمع فيه ما ارى من ( سوء ) ادارة الاقتصاد المصري الذي اعتبره يعري سوءة ( السياسة المصرية ) الداخلية قديما و حديثا .

كلما تحدثنا عن مصر هرع معارضي سياسة الاقتصاد المصري الى القول ان الدولة لا تستطيع ادارة ملف الموارد البيئية المصرية ، وانها لا تستفيد منها ، و ذكروا امثلة في الغاز و البترول و المياه و الاسماك و الانهار والبحار و الرمال والخ .

بينما قاوم مؤيدي سياسة الاقتصاد المصري الحالية تلك النظرية بقولهم ان السياسات الماضية هي التي تسببت فيما نحن فيه وليست سياسة الادارة الحالية ، او قال بعضهم ان السبب هو ( الشعب ) الذي لا يستطيع الاستفادة من هذه الموارد ، او اخلاق الشعب و ثقافته السيئة هي التي اودت بنا لذلك …… ( يعني المهم الادارة المصرية ليس لها دخل ) ….. الشعب هو المسؤول

وانا اقول الطرفين على خطأ ولن افند نظرية كل طرف ولكن ساذكر سبب الخطأ . في امرين

الأول :

الموارد الطبيعية او البيئية ليست بالاهمية كما نعتقد بل هي احيانا ( نقمة ) و سلاح قاتل للدولة و يدمر بنيتها و خططها و استراتيجيتها في تطوير منظومتها الاقتصادية …….

هناك دول بالعالم ليس لديها موارد طبيعية و تحدثت قبل اسبوع عن ( راوندا ) الدولة الافريقية الفقيرة في الموارد وليس لديها شواطئ وكانت دار حرب و قتال اهلي و تكاد تكون مدمرة قبل 25 عاما ….. الان هي سابع اقوى نمو اقتصادي بالعالم وليس لديها اي موارد طبيعية ……. لكن لديها ادارة موارد بشرية .

للاسف الموارد الطبيعية تعمل على ( تخدير الاقتصاد المحلي ) فالدولة التي بها ( موارد طبيعية عالية ) غالبا ما يتحول فيها الاقتصاد الى التركيز على هذه الموارد و عندما تنخفض اسعار هذه الموارد او تتضرر تصاب الدولة ب تخبط اقتصادي و تضرر شديد تهترئ معه بنيتها التحتيه ايضا ..

ولدينا امثلة كثيرة وخاصة في ازمة البترول الاخيرة و انخافض سعره تضرر الاقتصاد السعودي بقوة و تحول من الفائض في الميزانية الى العجز في الميزانية و كذلك اقتصاد دولة ( الجابون ) والذي كان يعتمد على البترول ..

فالاعتماد على الموارد الطبيعية يجعل الدولة تهمل ( التجارة والصناعة ) الذين اثبتا انهم يحققان عائد اقتصادي افضل . و نمو اقتصادي اعلى ( كما في تركيا )

كذلك النمور الاسيوية فقيرة في الموارد الطبيعية لكنها عملت على تنمية ( الموارد البشرية ) و كانت لديها الاستيراد ( عالي جدا ) فقامت بتحويل ( نقمة ) الاستيراد الى ( نعمة ) التصدير فحولت ما تستوره الى ( ما تصدره ) فحصلت على الموارد الطبيعية و قامت باعادة تصنيعها ثم اعادة تصديرها .

انظروا الى الانظمة الاقتصادية على مستوى العالم ستجدون اكثرهم تضررا هي تلك الانظمة التي تعتمد على ( الموارد الطبيعية ) .

قد تؤدي زيادة صادرات الموارد الطبيعية الى توقف باقي عناصر الاقتصاد المحلي و يتوقف الانتاج مقابل تصدير الموارد الطبيعيه بل قد تستخدم الدولة هذه العوائد في اشياء اخرى لا علاقة لها بتطوير الاقتصاد فمثلا دولة تشاد ساعدها البنك الدولي في تطوير خط انابيت بترول المفترض ان يساهم في تدعيم الاقتصاد فقامت بصرف عوائد هذه الانابيب في شراء اسلحة للقضاء على الثوار

انجولا تصدر ما قيمته 4 مليار دولار سنويا بترول فتقوم بصرفه على الحرب الاهلية

نيجيريا

ايران

والسودان وغيرها من دول الخليج ايضا

للاسف لم تنفعهم مواردهم الطبيعية لانهم استخدموها استخدام خاطئ

مصر مثلا لديها موارد طبيعية لكنها بدلا من استخدامها في بناء قوة اقتصادية قامت ببناء سجون بعدة مليارات من الدولارات كان الاولى بها استخدامها في بناء اقتصاد صناعي و تجاري قوي ان لم يقم على تصنيع الموارد فعلى الاقل ( تدوير ) الصناعات الاخرى .

ثانيا : العدل

البعض يقول ( الديموقراطية ) ولكن انا اسميها ( العدل ) فهو افضل من كلمة ( الديموقراطية )

الظلم يتصدى لاي اقتصاد ناجح

كوريا الشمالية مثال

ايران مثال

و الدول العربية ( كلها ) مثال والتي نجت من ذلك هي ( الامارات ) لكنها دعمت اقتصادها ببعض المخالفات المالية التي تحدثت عنها المؤسسات المالية العالمية و التي اثبتت خروقاتها المالية الخاطئة من قبل وعموما ليس هذا محل الحديث عنه .

الحكومة تمنع الاستيراد بحجة ( الحفاظ على العملة الصعبة ) هذا ليس ذكاءا اقتصاديا ولكنه ( ظلم ) اقتصادي .

الدولة التي تتمتع بالعدل الذي امر به الله سبحانه و تعالى سنجد فيها ( رخاء ) بسبب اطمئنان الفرد الى الاستثمار .. لان الدولة التي بها ظلم يقوم فيها افراد فاسدون بالتاثير في المنظومة الاقتصادية و في هذه النقطة ( اعدد وستخطئ في العد ) في مصر وجدنا ساويرس ووجدنا عز ووجدنا هشام ووجدنا فلان و علان .. وفي بعض الدول الخليجية وجدنا عشرات الامراء و رجال الاعمال الذين تم القبض عليهم بتهم الفساد …. الفساد منبعه الظلم وليس الاخلاق .

ايها السادة في مصر ( خاصة ) لا يعني ان تقوم الفضائيات المصرية يوميا بتحليل و دراسة فن و لعب ( محمد صلاح ) ان تستطيع ان تجعل كل اللاعبين المصرين بنفس مهاراته … خذوها و اعلموها

لاننا ابدعنا في ( الشرح ) بينما لم نبدأ ( التطبيق )

اعلموا ان تطوير منظومة الاقتصاد المصري لم و لن تفلح الا بتطوير ( العنصر البشري المصري ) عن طريق ادارة موارد بشرية جيدة

وكل ما يحدث ( تضيع وقت ) ليس لها اي فائدة

تعليمنا الحكومي بات الاسوء على مستوى العالم 
سنة 2015 كان ترتيب مصر عالميا ( 139 ) وهي المرتبة قبل الاخيرة وموريتانيا ( 134 ) 
في 2012 احتلت مصر مركز مرموق في اكثر الدول فشلا فكانت الصومال رقم ( 1 ) و نالت مصر المركز الثالث عشر ( 13 ) .. 
والعام الماضي خرجت مصر من التصنيف العالمي لجودة التعليم 
https://www.goethe.de/ins/br/pt/kul/blo/est/20976672.html
لكن قمنا بشراء عدد من السفن الحربية و لله الحمد

تراجع مستوى الجامعات المصرية

تراجع مستوى المهارات الفنية للخريجين من الجامعات و المعاهد

فشل قنوات الارشاد الزراعي و المهني في تطوير عقلية الفرد المصري 
في تطبيق سيادة القانون تقبع مصر في المركز 110من اجمالي 113 دولة ( مركز مرموق ) 
في مستوى البؤوس الاقتصادي تحتل مصر المركز الرابع

ما يحدث للاقتصاد المصري الان بالتمام كمن لديه ( ابقار ) مريضة … فاستشار في امرها لضابط جيش يقود فريقا من الجند في قريته .. فقال له ( الابقارتحتاج الهدوء ) ابعدها عن ازعاج ابقار المزارع الاخرى لان الابقار الاخرى تؤثر في عقليتها و تخطف تفكيرها فلا تاكل جيدا

ففعل ….. لكن ربع الابقار ماتت

فعاد للقائد العسكري ….. فقال له الابقار تحتاج الى ان تقوم بربطها جيدا لان الحركة الكثيرة تؤدي الى خلل في عقلها

ففعل …… فمات ربع الابقار الاخرى

فعاد للقائد العسكري ……. وقال سيدي ما زالت الابقار تموت فقال نعم ابقارك تحتاج ان تحلبها اكثر لان الحليب مخزن في ضرعها و يسبب لها امراض فتاكة

ففعل ….. فمات الربع الثالث من الابقار

فعاد للقائد العسكري وقال يا سيدي الابقار تموتا فقال ….. اطمئن بعد سنتين ستصبح الابقار قوية ( كده ) قم بتجويعها …….فالجوع صحي لها

ففعل فماتت باقي ابقاره …… فذهب الى القائد وقال يا سيدي ……. ماتت كل ابقاري

فقال له …. يا خسارة كانت لدي افكار اخرى كثيرة

فمتى يذهب الفرد المصري الى الطبيب وليس الى شخص اخر لعلاج ابقاره

كتبه : أنس الفقي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top