كيف يقيم المستثمرون الشركات الناشئة والفرص التي تعرض عليهم؟

كيف يقيم المستثمرون الشركات الناشئة والفرص التي تعرض عليهم؟

بقلم حنين

كيف يقيم المستثمرون الشركات الناشئة والفرص التي تعرض عليهم؟

تصلني عادة الكثير من الأسئلة من قبل روّاد الأعمال؛ وغالبًا ما تكون الأسئلة الواضحة الأفضل من بينها؛ إذ تتعرف من خلالها على قواعد اللعبة التي تحاول الفوز فيها، ولعلّ أحد أذكى الأسئلة التي طُرحت عليّ خلال الفترة السابقة هو: “كيف يقيّم المُستثمر الملاك Angel investor العروض التي يُقدّمها أمامه روّاد الأعمال؟”.

يتخيّل معظم رياديّ الأعمال أن انتقاء المشاريع من طرف “المستثمرين الملائكة” يتم عقب عملية مكثّفة ومجهدة تُشبه تلك التي تقوم بها شركات المال المُخاطر VC ؛ أشبه بمجازفة أو مخاطرة، وإليكم السر: لا ينفق المستثمرون الملائكة عادة الكثير من الوقت لاتخاذ القرار بصفقة معينة.

لن يقيّم المستثمرون جميع الفرص بالطريقة ذاتها بالتأكيد؛ وسأشرح في هذا المقال بعض الطرق الشائعة التي يميلون عادة للتفكير بها، إذ يمتلك غالب المستثمرين بضع اختبارات بسيطة تعمل كمرشّح للمشاريع، ليستخدموها قبل اللقاء الأوليّ أو أثنائه، ولعلّ الاختبارات السريعة الأكثر شيوعًا هي:

  • هل زكّى شخص أثق به هذا المشروع؟ إذا لم يكن الأمر كذلك سيغضّ المستثمر النظر عن المشروع بشكل كلّي؛  يكون المشهد بالنسبة له كالتالي: “إن لم يستطع رائد الأعمال الوصول إلي عبر شبكة علاقات موثوقة؛ فهذا يعبّر عن افتقاده للتميّز أو الدافع للتحرك”.
  • هل استطاع رائد الأعمال إثارة إعجابي على الفور؟ يرى العديد من المستثمرين أنك إن لم تستطع التأثير فيهم  خلال الخمس دقائق الأولى؛ فلن تتمكن من إدارة شركة، إنهم ينتظرون تعريفك عن نفسك؛ ما الذي تتقنه، وما الذي يميّزك ويدفعهم للاهتمام بعرضك، هذا ما يريدون سماعه على الفور.
  • هل استطاع رائد الأعمال كسب ثقتي؟ يرفض معظم المستثمرين العرض مباشرة إن راودهم أيّ شك بعدم جدارة  محدّثهم بالثقة التامة، هل ستعطي المال لشخص لم تثق به بشكل كامل منذ اللقاء الأول؟

لا يمكن حصر الاختبارات التي يستخدمها المستثمرون بتلك الواردة أعلاه بالطبع؛ فهناك العديد من الاختبارات الأخرى، في بعض الأحيان سيكون مجرد ارتدائك للباس غير مناسب كافيًا لعدم الحصول على الاستثمار، على كل حال؛ أعتقد أن الغالبية العظمى من المستثمرين تتبع الاختبارات الواردة آنفًا كحاجز أوليّ.

لنفترض أنك اجتزت اللقاء الأول بنجاح وجذبت به جزءًا من اهتمام المستثمر؛ أنت تدخل بهذا إلى مرحلة “التعارف” في علاقتك معه، وهنا يستخدم المستثمرون نمطين آخرين من الاختبارات حسب ما شاهدتُ:

  • السؤال عن كل شيء واستخدام أسئلة مربكة أحيانًا، في هذه الحالة يختبر المستثمر الاستعداد لدى رائد الأعمال، إذ يرى مدى سرعة تجاوبك، وهل كانت إجاباتك مقترنة جيدًا بالأسباب؛ طموحة؛ متفائلة؛ أم أنها مجرد إجابات فارغة عادية.
  • الجلوس وترك الفرصة لريادي الأعمال للتحدث والإقناع. هناك الكثير من المستثمرين المشغولين بما فيه الكفاية للقيام بأي جهد لمتابعتك، لذا سيتركون لك هذه المهمة، هم يرغبون بالتأكد إن كان انطباعهم الثاني والثالث والرابع والخامس مماثلًا لانطباعهم الأول عنك، تذكّر أن التقييم الصادر عن هذا النوع من المستثمرين في غالبه تقييم لك أنت.

لنفترض أن فترة التعرف عليك مرّت بنجاح؛ وأنك استحوذت على اهتمام المستثمر، تبدأ هنا مرحلة اتخاذ القرار، حيث يتفاجأ العديد من رواد الأعمال بالطرق التي يعمل وفقها المستثمرون، وهي:

  • الحدس الغريزي: يلجأ بعض المستثمرين في هذه المرحلة إلى اتخاذ قرار معتمدين فيه على حدسهم، يبذل هذا النوع من المستثمرين جهدًا ضئيلًا للغاية لاتخاذ قرار، وعادة ما يعوّلون على قرار المستثمر الرئيسي وينتظرون إيماءة منه للموافقة على المشروع. هؤلاء لا يطلعون حتى على المواد التي أمامهم؛ إذ يعتمدون في المقام الأول على الحدس؛ وعلى الأشخاص الذين يثقون بهم.
  • قيمة الرّبح المتوقعة: بالإضافة للنوع المذكور آنفًا؛ يوجد العديد من المستثمرين ممن يقيّمون العروض عن طريق تحليل القيمة المتوقعة -سنشرحها فيما يلي-، فالاستثمار عبارة عن مراهنة في نهاية المطاف، والمستثمرون يرون أن الحكمة تنطوي على الالتزام بعدة رهانات صغيرة؛ عوضًا عن تلك الرهانات الكبيرة ولو كانت أقل عددًا.

وإليكم كيفية حساب قيمة الرّبح المتوقعة:

لتحليل قيمة الرّبح المتوقعة يجب على المستثمر تقييم (بمعنى أصح تخمين) عاملين اثنين:

  • الأول هو القيمة المحتملة للأرباح في مرحلة مستقبلية ما، وغالبًا ما يتم التوصل لهذه القيمة عن طريق حساب متوسط قيم المبيعات في شركات تقدم خدمات مشابهة أو ذات صلة.
  • العامل الثاني الذي يجب على المستثمر تخمينه هو إيمانه بقدرتك على تقديم منتجات قوية مشابهة لما هو موجود، وغالبًا ما يعبرون عن ذلك بنسبة مئوية.

إذن؛ لنفرض أن المستثمر يقول “أعتقد أن لديه فرصة 10% لتحقيق مبيعات بـ 10 مليون دولار”، بضرب هذين العاملين نجد أن القيمة المتوقعة خلال الفترة الزمنية المحددة هي مليون دولار واحد (10%*10مليون).

لنستمر بالحساب بهذه الطريقة؛ ولنقل أن المستثمر يملك 5% من الشركة؛ وبالتالي فإن قيمة الرّب المتوقعة له هي 50 ألف دولار (5%*1مليون$)، لذا؛ لن يستثمر في الشركة ما يزيد عن القيمة المتوقعة لأرباحه منها.

ووفقًا لهذه النظرية؛ إن اتبع المستثمر منهجًا مشابهًا في الاستثمار فلن يقامر بمبالغ غير مرغوب بها، على أية حال، فإنهم ملتزمون بالعديد من المشاريع التي تمتلك إمكانيات هائلة للنجاح، وعلى الرغم من أن بعض المستثمرين يعتمدون في تقييمهم على تحليلات مالية مختلفة عما ذكرنا؛ لكنهم في الغالب يلجؤون لنماذج مشابهة.

ستكون فرصتك بالحصول على الاستثمار بعد القيام بهذا القدر من الحسابات كبيرة للغاية. وسيكون الوقت الذي تستهلكه المراحل الثلاثة التي تحدثنا عنها للتو (اللقاء الأولي والترشيح- فترة التعرف عليك- وعملية اتخاذ القرار) تابعًا لشخصية المستثمر؛ فقد تستغرق القليل من الوقت أو قدرًا كبيرًا منه.

كملاحظة على الهامش، من الجدير بالذكر أنه ثمة الكثير من المستثمرين ممن يتجاوزون هذه العملية برمّتها؛ ويسهمون ببساطة بالاستثمار شراكةً مع صديق يثقون به، وفي هذه الحالة يعني حصولك على استثمار واحد أن يكون المستثمر مكونًا من مجموعة من اثنين أو ثلاثة من الشركاء فيما بينهم.

كرائد أعمال أنت لا تملك القدرة على التحكم في نوعية المستثمر الذي ستتعامل معه، لكن كما هو الحال دائمًا فإن التركيز على شيء ما يساعدك على فهمه، و إن كان ثمة أمور يجب عليك أن تذكرها من هذا المقال وتتدرّب عليها في تعاملك مع المستثمرين فستكون كالتالي:

  • أعط انطباعًا أوّل مدهشًا.
  • كن متابعًا بشكل تام ولتكن استجابتك حاضرة دائمًا.
  • افعل الأمور التي قلتَ أنك ستفعلها.
  • كن صادقًا.

تكفل لك هذه الخطوات الأربعة إن التزمت بها أن تحصل على التمويل؛ في المقابل فإن فشلك بها سيجعل أي مستثمر يتخلّى عنك سريعًا.

ترجمة -وبتصرّف- للمقال A great question with some surprising answers لكاتبه David Cohen.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top